أنور الرفاعي: متحف العثمان بصمة جميلة في تاريخ الكويت
متحف العثمان بصمة جميلة في تاريخ الكويت

“بريق الدانة” – خاص:
يعتبر متحف عبدالله العثمان من أهم المتاحف في منطقة الخليج وهو يتبع مركز الكويت للعمل التطوعي ويحظى باهتمام كبير، حيث أصبح محط اهتمام الكويت وضيوفها.
ومنذ افتتاحه عام 2013، يعمل القائمون عليه على توسيعه وإدخال أقسام ومتاحف جديدة عليه ليكون شاملاً ومتكاملاً. وفي هذا الإطار يشهد المتحف في الفترة المقبلة افتتاح نزل العثمان وعدداً من المتاحف التي ستشكل إضافة للمتحف وتحافظ على تراث الآباء والأجداد حياً ونابضاً بالحياة. وللوقوف والتعرف على جديد المتحف وأقسامه وأهدافه، انفردت “بريق الدانة” بلقاء رئيس فريق الموروث الكويتي أنور السيد محمد السيد حامد الرفاعي.
هلا تحدثنا عن متحف العثمان والمراحل التي مر بها حتى وصل إلى شكله الحالي؟
نتحدث اليوم عن متحف عبد الله عبد اللطيف العثمان في منطقة حولي. بني هذا المنزل في عام 1947 على يد المرحوم عبد الله العثمان في منطقة كان يطلق عليها في السابق “النقرة” وهي عبارة عن حفرة في الأرض يتجمع فيها الماء ويسكن حولها الناس لشح المياه في ذلك الزمان، فكان في منطقة حولي أكثر من “نقرة” ومنها “نقرة العثمان” نسبة إلى عبد الله العثمان وغيرها من النقرات التي تتبع للعائلات الكويتية التي سكنت منطقة حولي. بنى عبد الله العثمان بيتاً في هذا المكان على 4 مراحل، في عام 1947 بنى البيت الأول من العمارة التي كانت تسود ذلك الزمان من صخر البحر والطين والباستيل وغيرها من المواد البسيطة التي كانت تستخدم في بناء البيوت الكويتية ذات الطراز الشرقي أو العربي.
المرحلة الثانية في بداية الخمسينات، حيث بنى عبد الله العثمان البيت الثاني من الطابوق الإسمنتي البسيط وفي عام 1954 بنى البيت الثالث وبدأت الخرسانة بالدخول وبعدها بنى البيت الأخير من الخرسانة المسلحة، فشكل بذلك منظومة متكاملة لرحلة العمارة في تاريخ الكويت من خلال مجموعة البيوت التي كانت تمتد على مساحة 9420 متراً ممثلة بـ170 غرفة ويرجع السبب في أن حجم المنزل كبيراً إلى كون المرحوم عبد الله العثمان متزوجاً من 4 زوجات ولديه 37 بنتاً وولداً وحوالي 80 شخصاً من الخدم. فشكلوا منظومة لحي كويتي كامل برحلة حياة مستمرة منذ بداية الأربعينات إلى أن توفاه الله. بعد ذلك، بقي البيت مهملاً لسنوات عديدة أخذ منه الزمن الكثير وألحق الغزو العراقي الغاشم دماراً في جزء كبير منه، بعد ذلك آل هذا البيت من وقف آل العثمان إلى الدولة التي ثمنت البيت وأصبح من أملاكها وأعطته إلى المجلس الوطني للفنون والآداب ومن بعدها جاءت فكرة إنشاء متحف العثمان عندما تفضل سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بافتتاح أول مشروع لنا وهو العمل المشترك في كشك الشيخ مبارك في منطقة المباركية ومن ثم جاءت فكرة إنشاء متحف تراثي كويتي من خلال مركز الكويت للعمل التطوعي الذي ترأسه الشيخة أمثال الأحمد وأنا نائب رئيس المجلس وأنشأت فريق الموروث الكويتي الذي يعمل على الحفاظ على كل ماتبقى من آثار كويتية لأن القسم الأكبر من الآثار الكويتية والمقتنيات الكويتية قد دمر بطريقيتن: العفوية من الآباء والأجداد بكون هذه الأشياء بالية ومن الغزو العراقي الغاشم الذي دمر الجزء الأكبر من هذه المقتنيات وسرقتها.
ماذا عن الأقسام التي يتألف منها المتحف؟
صدر قرار من قبل مجلس الوزراء بأن يكون هذا البيت مقراً لفريق المرووث الكويتي ونوجه الشكر للشيخ ناصر المحمد ودعمه لنا في هذا المجال المنقطع النظير، فبدأنا ببناء المتاحف:
– المتحف الأول “رحلة الحياة لدولة الكويت” ويتكلم عن مؤسسات الكويت العريقة التي بدأت في ظهور الكويت الحديثة كمؤسسة البترول وشركة نفط الكويت ووزارات الدفاع والداخلية والتربية والتعليم والعملة الكويتية، فضلاً عن المؤسسات التي ساهمت بنهضة الكويت.
– المتحف الثاني “البيت الكويتي” الذي يجسد البيت الكويتي في فترة الثلاثينات والأربعينات بجميع مقتنياته من أثاث وملابس.
– متحف “الدراما الكويتية” بالتعاون مع الأخوة في وزارة الأعلام ووضعنا فيه ما وصلت أيدينا له من ملابس فنانين وبعض القطع التي مثل فيها مسلسل “درب الزلق” و”الأقدار” وبعض مقتنيات الفنانين الخاصة وذلك كعربون شكر وثناء للفنانين الذين أبدعوا في سماء الدراما الكويتية.
– متحف الرياضة الكويتية ومتخصص بالكؤوس والميداليات والملابس الرياضية للاعبين من مرحلة الستينات إلى يومنا هذا مع ملعب كرة قدم مجسد بمدرجاته القديمة وشاشة عرض كبيرة للأهداف والمناسبات الرياضية التي خاضتها الكويت. ونذكر أن جميع مقتنيات بيت العثمان هي قطع أصلية كويتية مئة بالمئة.
– متحف الدكتور يعقوب الحجي الزاخر بكتب ومجلات وصور نادرة جداً يعود تاريخها إلى أكثر من 150 سنة.
– متحف سيد إسماعيل بهبهاني الذي أمضى حياته في الكويت في فترة الأربعينات والخمسينات والستينات وكان الوحيد الذي يبيع الأنتيك في ذلك الوقت وبعد وفاته تبرع أولاده بما لديهم في مخزنه من قطع تجاوز عددها الـ10 ألاف قطعة
– متحف”البيئة الكويتية” بصحرائها القديمة.
– متحف الفنان الكبير أيوب حسين الذي أوصى بجميع مقتنياته ولوحاته لمتحف العثمان.
شهد المتحف بعض التوسعات ومن ضمنها نزل العثمان، أخبرنا أكثر عن هذا الموضوع؟
سيتم افتتاحه في المرحلة القادمة خلال الشهرين القادمين وهو نوع من الفندق ولكن سيكون لضيوف الكويت وانتهينا حتى الآن من 12 جناحاً متكاملاً وهو من فئة الخمس نجوم يتضمن أثاثاُ ومقتنيات كويتية أصيلة سيشعر من يسكن فيه وكأنه يعيش في الزمن الماضي.
ما الجديد الذي سيتضمه بيت العثمان في المرحلة المقبلة؟
لم تنتهي المتاحف في بيت العثمان وستشهد المرحلة القادمة 3 متاحف جديدة تحت الإنشاء، منها متحف بالتعاون مع الأخوة في وزارة التربية هو المتحف العلمي سابقاً سنعيد تجديده وافتتاحه وكذلك متحف الحرفيين الذي سيتضمن إنشاء مكان خاص لكل الحرفيين، فضلاً عن متحف سوق المباركية وسيتم إنشائه بمثل الطريقة القديمة من دكاكين وغيرها ومتحف السيرة النبوية الذي سيبصر النور قريباً.
ماهو الهدف الرئيسي من متحف العثمان؟
هدفنا الرئيسي هو الحفاظ على التراث الكويتي والمعلومة التي سنوصلها لطالب المدرسة ، فنحن لدينا بروتوكول مع وزارة التربية ولدينا زيارات يومية بحدود 200 إلى 250 طالب وطالبة طوال السنة ، حيث نقوم بشرح وتفصيل لإيصال هذه الرسالة التي نحن في أمس الحاجة. فالمجتمعات تقاس بعدد وكم المتاحف التي تملكها. ومتحف العثمان يستقطب جميع شرائح المجتمع، فضلاً عن ضيوف الديوان الأميري ووزارة الخارجية ومجلس الوزراء. فالمتحف بات بصمة جميلة في تاريخ الكويت.
ماذا يمثل متحف العثمان لك؟
يمثل المتحف بصمة الماضي الجميل للآباء والأجداد وهنا تعيش روح فُقدت وهذه الروح نستشعرها يومياً مع كل قطعة نحاكيها في هذا المتحف. واليوم بفضل رب العالمين تجاوزنا أكثر من 20 ألف قطعة في المتحف. والمتحف لايقف عند بيت العثمان، بل لديه مساهمات كبيرة خارج الكويت آخرها في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، حيث أقمنا معرضاً لمدة 3 أيام ومعرضاً آخر في سويسرا بسفارة دولة الكويت، فضلاً عن قطر والامارات والسعودية. وأبهر فريق الموروث الكويتي العالم وذلك بشهادة الأمم المتحدة لناحية أنه بنى متحفاً متكاملاً بأيادي تطوعية دون تدخل من أي شركة أو حكومة.
هل هناك اهتمام بالتاريخ والثقافة من قبل الجيل الحالي؟
صدمنا بعدد الحضور الهائل في بداية افتتاح المعرض وردة الفعل الكبيرة وفي بعض الأيام كنا نتجاوز الالف زائر يومياً وهذا النجاح لامسناه في عيون الزائرين الكويتيين الكبار الذين كانوا يتجولون ويتذكرون الأجداد والاباء والدموع في عيونهم. وهنا يجد طلبة المدارس الرابط بين حاضرهم وماضي آبائهم وأجدادهم. وهذا العام أدرجت وزارة التربية بيت العثمان من ضمن منهج وزارة التربية. وبدأت ببيت العثمان عندما كان مدمراً ورافقت مراحل إعادة بنائه ولم أتخلف يوماً عن الحضور بشكل يومي إلى المتحف لحبي لهذا المكان وارتباطي فيه ونقدم من خلاله رسالة شكر لمن هم تحت الأرض بإقامة ماهو فوق الأرض.
حدثنا قليلاً عن نشأتك؟
منذ كان عمري 4 سنوات كنت محاطاً بأشخاص يفوقوننني بالعمر عشرات السنوات، فتعلمت الكثير منهم ومن أحاديثهم وأعمالهم وهواياتهم، ما ساهم بصقل شخصيتي ومنحني خبرة كبيرة ساعدتني في الوصول إلى ما أنا عليه اليوم.
ما هي طموحاتك المستقبلية؟
طموحي أن نقيم متحفاً للمنطقة العربية بكاملها.